أنت.. صاحب القرار ... هوندا رحلة من الكفاح

"أنت اليوم نتيجة قراراتك بالأمس، وستكون غدا نتيجة قراراتك اليوم".
- هل توافق على هذه المقولة؟

سأساعدك على الإجابة.. فمجرد قراءتك لهذه الكلمات فهذا قرار منك، أي أننا نقرر في كل لحظة في حياتنا، وهذا القرار هو نقطة الانطلاق لتحقيق ما تريد، فنقطة البداية لتحقيق أي نجاح هي "أن تقرر أن تنجح وتقرر أن تسعى لتحقيق هذا النجاح" ..

هل يمكن أن تصبح مثل "هوندا"؟

"ربما لا نستطيع دائما أن نتحكم في أحداث حياتنا لكننا نستطيع أن نقرر ما نفعله لمواجهة هذه الأحداث، فإن ما يحدد مصائرنا هي قراراتنا وليست ظروف حياتنا".

الجملة السابقة ليست عبارة فلسفية، ولكنها تلخص قصة رجل قرر أن ينجح رغما عن أي معوقات، هو "سوبر كايروا هوندا"، مؤسس شركة "هوندا" للسيارات ..

في عام 1938 كان هوندا تلميذا يابانياً فقيرا حلمه تصميم حلقة مكبس لبيعه لشركة تويوتا، فكان طوال الليل يعمل على التصميم الذي أراده، وقد أنفق على مشروعه كل ما يملك من مال، وبعد سنوات من الإصرار تمكن من تصميم حلقة المكبس التي كان متأكدا من أن شركة تويوتا ستشتريها.. ولكنهم رفضوها.

وتعرض لإهانة المحيطين به لأنه أضاع من الوقت الكثير في تصميمه هذا دون أن يحقق أي نجاح.. هل تحسبه شعر بالإحباط ؟

كلا، إنه قرر ألا يستسلم، وعكف على تطوير تصميمه، وبالفعل أقبلت شركة تويوتا على شراء منتجه.

بعدها فكر في بناء مصنعا لإنتاج حلقات المكبس، لكنه احتاج لمواد خرسانية لأجل بناء مصنعه لكن الحكومة اليابانية رفضت، ومرة أخرى كان حلمه سيموت، لكنه قرر أن يبني مصنعه متحديا كل الظروف، فجمع أصدقائه حتى توصلوا لطريقه جديدة لتصنيع الخرسانة، وبالفعل أنشأ مصنعه وتمكن أخيرا من أنتاج حلقات المكبس.

انتظر.. القصة لم تنته بعد، فقد قصفت الولايات المتحدة مصنعه في أثناء الحرب العالمية ودمرت معظمه.. هل تعتقد أنه استسلم؟

لقد قرر أن يعيد بناء مصنعه من جديد.. وقد كان..

لكن ما أن وقف المصنع ثانية حتى ضربه زلزال، واضطر صاحبه إلى بيع عملية تصنيع المكابس إلى شركة تويوتا، وعندما انتهت الحرب كانت اليابان في حالة اضطراب تام، وكان هوندا بالكاد يحصل على ما يكفي من الوقود لقيادة سيارته، وبدلا من الشعور بالهزيمة واليأس اتخذ قرارا جديدا.. "كيف يمكنني استخدام الأشياء التي أملكها بالفعل من أجل إيجاد طريقة لتحقيق أهدافي"؟

وقد لاحظ أنه لديه محركا صغيرا وطرأت عليه فكرة تثبيته في دراجته وكانت هذه اللحظة هي لحظة ابتكار أول دراجة بخارية، وسرعان ما طلب منه أصدقائه أن يصنع لهم مثلها، لذا قرر أن يؤسس مصنعا لتصنيع مثل هذه المحركات، ولم يكن لديه مال يكفي وبدلا من الاستسلام قرر أن يكتب خطابا إلى كل شخص يمتلك متجرا لبيع الدراجات البخارية في اليابان، واستلم خطاب هوندا 18 ألف شخص من أصحاب المتاجر منهم 3 آلاف فقط هم الذين أعطوه مالا، وقام بتصنيع أول شحنة لكن اشتراها القليل جدا من اليابانيين نظرا لثقل وزنها، عندها بدأ يلاحظ الأخطاء التي وقع فيها، وقرر أن يغير أسلوبه وأن يجعل الدراجة أخف وزنا وأصغر حجما، ليحقق نجاحا كبيرا يحصل به على جائزة الإمبراطور.

واليوم تعد شركة هوندا من أكثر الشركات نجاحا حول العالم في صناعة السيارات وتحقق أعلى المبيعات.

والآن هل تؤيدني في أن السبب الحقيقي وراء نجاح هوندا كان قراره أنه لن يسمح للمعوقات أن تعرقل مسيرته في اتجاه هدفه، واتخاذه دائما القرار الحقيقي لما يعمل؟!.

لكن ماذا يعنى القرار الحقيقي؟

البعض يخلطون بين القرارات والأمنيات، لكن بعد عرضنا لقصة هوندا أصبح من السهل معرفتنا أن القرار الحقيقي يتم اتخاذه عندما نقضي على أي احتمال يخالف ما تعهدت به أمام نفسك، وأن تدعم هذا القرار بالاستمرار فيه والإصرار على أن تجعل منه واقعا تعيشه.

كيف تتخذ قرارا صائبا؟

- تحرر من اعتقادك وكلامك السلبي الذي يوحي لك بأنك غير قادر على اتخاذ القرار، لأن هذا غير صحيح إطلاقا، فبداخل كل منا ملكة اتخاذ القرار.

- حاول تنمية ملكة اتخاذ القرار بداخلك باتخاذ المزيد من القرارات والالتزام بها.

- تحمل مسؤولية قراراتك.

- لا تخشى الفشل لأننا عندما نخفق في أي قرار اتخذناه فمن المؤكد أننا تعلمنا منه شيئا.

- أمنح نفسك التقدير، وثق أنك قادرا على أن تمسك بزمام حياتك وقادرا على اتخاذ قراراتك بنفسك.

...

والآن ليس المهم المكان الذي تبدأ منه، وإنما القرارات التي ستتخذها بشأن ما تريد أن تنتهي عنده، ومن اليوم لا تتردد ولا تؤجل ولا تخشى الفشل، فإنه لا يوجد إلا في خيالنا فقط، ولا تقلق إن أخطأت فنحن جميعا معرضون للخطأ، المهم أن تتعلم من أخطاءك المزيد من قرارات صائبة مستقبلا، ولتبدأ الآن في الصعود لقمة النجاح، فقرارك هو أول خطوة على الطريق وبقرارك أيضا ستكون هناك على القمة.