وهل تغضب القطعان
بقلم مجدى الجلاد ٢٩/ ١٢/ ٢٠٠٨ لولا خوفى من مستقبل بلا جذور لأعلنت اليوم كفرى بالعرب.. أبحث عن سند لابنى وابنك فى عالم يزداد توحشاً كل دقيقة فلا أجد سوى قطيع «يرتع» فى الجهل والتخلف.. قطيع يواجه ديمقراطية الغرب بالاستبداد والتوحد مع كراسى الحكم و«تيجان» المُلك.. قطيع يسابق ثورة العلم بقمع العقول وطمس الابتكار.. قطيع يواكب حمَّى الإنتاج والعمل بشهوة الجنس والمال ورنات الموبايل.. فلماذا نؤمن بـ«العروبة» وهى فكرة مجردة لم يتحقق منها سوى «وحدة الخيانة»!!.
لا أعرف لماذا نغضب لذبح غزة وسلخها على مرأى ومسمع من الجميع.. هل تغضب القطعان.. وإذا غضبت هل تتحرك.. هل يفور الدم وتنتفض الكرامة فى أجساد اعتادت الخمول والخنوع، وقلوب فقدت الإحساس، ونفوس أدمنت الإهانة والاستكانة.. اليوم لا استثناء لأحد.. أنا وأنت وكل عربى ومسلم سوف يلعنه أبناؤه وأحفاده يوماً، لأنه ترك الدم العربى يراق على أرض مغتصبة.. لن يرحمنا التاريخ، ولن يسامحنا الله عز وجل حين نقف أمامه وأيدينا ملطخة بهوان الشرف وضياع الأرض والعرض.
«حماس» الكرتونية قبل «فتح» المدجنة.. سوريا التى تناضل بـ«الألسنة والحناجر» قبل مصر التى «تخلت» عن الريادة والقيادة.. قطر التى أكرمها الله بدولة «الجزيرة» مع السعودية وهى ترفل فى براميل البترول.. النخبة المثقفة التى اشتراها الحكام قبل المواطن البسيط وهو يلهث خلف لقمة العيش فى دول الفقر، أو وراء فستان «هيفاء وهبى» وصالات الرقص والقمار فى دول الثراء الفاحش.. الإخوان المسلمون الذين يهتفون بصك من المرشد العام، ثم يذهبون إلى بيوتهم برمشة عين من «محمد حبيب» قبل الرؤساء والملوك الذين يتحسسون كراسيهم مع أول صاروخ تطلقه إسرائيل على الشعب الفلسطينى الأعزل.
كلنا عملاء وخونة.. ليس لأمريكا وإسرائيل.. ولكن على أنفسنا ومصالحنا وأرضنا وأرواحنا.. كلنا كاذبون.. لا تصدقوا أحداً.. سواء المسؤولون الذين شجبوا واستنكروا، أو المتظاهرون الذين ملأوا السماء هتافاً ودعاءً.. الهتاف لا يحرر الأرض ولا يحمى العرض.. والدعاء لا يقبله الله، لأنه يخرج من قلوب منافقة، لم ينتفض أصحابها دفاعاً عن الدين والوطن.. لا تصدقوا أن هناك خلافاً بين الحكام العرب.. لا تصدقوا أن سوريا وحماس وحزب الله ضد مصر.. ولا تصدقوا الاتهامات المتبادلة، ارجعوا إلى التاريخ وستدركوا أن المسألة كلها «توزيع أدوار».. فلا أحد فى هذه الأنظمة بمقدوره أن يقول لأمريكا «لا».. ولا أحد لم يجلس مع إسرائيل فى العلن أو فى الخفاء.
لا تنتظروا القمة العربية.. ادخلوا الأرشيف واسحبوا بيانًا عشوائيًا من بيانات القمم السابقة.. لن تجدوا اختلافاً سوى فى تاريخ إصداره.. لا تتابعوا مقالات الكتاب والصحفيين.. فكل قلم يكتب بـ«حبر» نظام ما أو تيار ما.. الحكومات فعلت ما عليها وحذرت وأنذرت فى صحف تعيش فى حجر «السلطة».. والإخوان جاهدوا وكافحوا فى صحف بـ«ذقن» غير مشذبة.. و«حماس» انتصرت على إسرائيل بـ«صواريخ ورق» فى صحف «الكفاح» المطعم بـ«الشيكات» من السفارات.
أنا وانت «مفعول به».. لن نصبح «فاعلاً» فى مواجهة أمريكا وإسرائيل إلا إذا كنا «فاعلاً» فى مواجهة العجز العربى والقمع الداخلى.. وإذا لم يحدث فلن يجود المستقبل بالإبقاء علينا «مفعولاً به».. سنتحول بعد سنوات إلى «ماض تام» أو «مبنى للمجهول».. وفى عرف «القطعان» لا فرق بين هذا وذاك..!